ثيابهم واسعة وغريبة، عاداتهم مغايرة لعاداتنا، وفي عيونهم بريق ملفت، قد يكون تحديا وإصرارا، أو هروبا من هذا الواقع المؤلم.
يصفهم البعض بالمتمردين، وآخرون يرونهم مقلدين وتكرارا فارغ المضمون للغرب. ولكن مجتمعنا يتقبلهم تارة، ويلفظهم خارج أسواره تارة أخرى، يرفضهم البعض لاختلاف طريقة لبسهم ومشيتهم، وتسريحة شعرهم المستهجنة لأنها جديدة.
كثيرا ما يركزون في أغنياتهم على قضايانا الوطنية، وغالبا ما يمارسون من خلالها ما يصفونه بالرقص الإيحائي، ولا يبتعدون كثيرا عنا ولا يعيشون خارج حياتنا، وإنما ولدوا من قلب معاناتنا، لذلك كان لنا هذا اللقاء مع فيصل المنشاوي؛ أحد أعضاء فرقة "راب" الشبابية التي تتكون من ثلاثة شبان وفتاة واحدة.
يقول المنشاوي إن فرقتهم التي انطلقت قبل عام قد أنتجت خلاله ثلاث عشرة أغنية من كلماتهم وتلحينهم وتوزيعهم وغنائهم، تم تقديمها في حفلات محلية.
نهفـــــة
قصة نشوء الفرقة بدأت من "نهفة" على حد وصف المنشاوي، يقول: "نحن مستمعون جيدون لأغاني الراب، ورأينا أنها الطريقة الأنسب للتعبير عن ذاتنا".
وبدأت الأمور تتطور، فتمرنوا على طريقة الغناء، وطوروا محاولاتهم في الكتابة والتأليف؛ "لأننا في النهاية معنيون بتوصيل رسالة، وهذه الرسالة تعبر عنا كشباب، وتتحدث عن بعض الظواهر كالفساد"، ويتابع: "يعني أن القصد من الراب هو كلام من القلب إلى القلب".
أمي تدعمني وأبي شهيد
وحول موضوع تقبل المجتمع الغزي لهم فإن فيصل متفائل رغم ردة الفعل الأولية؛ فهم مؤمنون بما يقولونه، رغم استياء المجتمع من لباسهم وحركاتهم وحفلاتهم، حتى من استخدام هذا اللون من الغناء.
وأكد على أهمية الاقتناع بالذات، معتبرا أن ما يقوم به عمل وطني، وأن كل من يفهم هذا النوع من الفن ويستمع إليه سيقدره.
وقال إنه "يكفينا الدعم الذي نتلقاه من أهالينا الذين يؤمنون بما يقدمه أبناؤهم" وتابع: "فأنا أبي شهيد، وأمي هي التي قدمت لي الدعم منذ البداية".
على كاهلهم
أما عن الدعم المالي، فيقول المنشاوي إن المجلس الثقافي الفرنسي قد أبدى استعداده لدعم الحفلات التي تقدمها الفرقة بشرط التوقف عن استخدام بعض المصطلحات؛ كالصهيوينة العنصرية.
"ولكننا رفضنا أن نتخلى عن لغتنا وأفكارنا" كما يقول، ولهذا السبب فإن أعضاء الفرقة يتحملون الأعباء المادية بمفردهم، "حتى لو اضطررنا إلى عدم دفع الرسوم الجامعية".
حياتهم اليومية
وعما يكرهونه في حياتهم كشباب، يرى المنشاوي أن أكثر ما يعانون منه هو الإرهاق، حيث إنهم في بعض الأحيان يتمرنون أربعة أيام دون نوم.
أما أهم ما يضايقهم فهو التهجم والتجريح اللذان يتعرضون لهما "تحت شعار النقد".
ويطمح الفريق في التطور، وإنتاج أشرطتهم الخاصة؛ ليتمكنوا من إقامة حفلات في الخارج؛ سواء في بلدان عربية أو أوروبية.
ويكشف المنشاوي عن محاولات "للتشبيك مع بعض الفرق العربية المماثلة في الأراضي المحتلة عام 1948".
وسواء أحببناهم أم لم نتقبلهم، علينا أن نحتضنهم كمجتمع يريد الارتقاء، ليشتمل على كافة جوانب الثقافة والحرية.