--------------------------------------------------------------------------------
]تدور أحداث هذه القصة في فلسطين، القصة طويلة لذلك قمت بتقسيمها إلى حلقات وسأضع في كل يوم أو يومين حلقة أو حلقتين بحسب تفاعل القرّاء، القصة جميلة ومشوقة أتمنى أن تعجبكم.[/
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الحلقة (1)
aقاد فارس سيارته المرسيدس مساءً في شوارع مدينة الناصرة متوجها إلى أحد المطاعم للقاء عدة أشخاص في انتظاره، توقف فارس على الإشارة الضوئية، وفي أقل من ثانية فُتح باب السيارة وصعدت امرأة وجلست بجانبه وأغلقت الباب ورائها بهدوء وثقة وهو ينظر مذهولاً مستغرباً دون أن يفهم شيئا مما يحدث.
كل ما يراه شبحاً اسود أو كتلة سوداء متحركة، جال ببصره من القدم حتى الرأس لعله يرى شيئاً يدل على جنس الكائن الذي يسكن تحت هذه الملابس السوداء، رجل هو أم امرأة؟ ولكن عبثاً فلا عيون ولا وجه ولا أيدي تُرى من خلف هذا السواد، وأمام هذه الحال نطق الكائن الساكن خلف تلك الملابس بصوت أنثوي جميل وهادئ وواثق:
عفواً، هل تستطيع أن توصلني إلى كفر كنا؟
ابتسم فارس وقال: عفواً، ربما أخطأت، أنا لست سائق تاكسي.
فقالت بهدوء: أعلم ذلك هيا أوصلني إلى كفر كنا.
وبدون مبالاة وجد فارس نفسه يسير باتجاه كفر كنا وتناسى أنه على موعد هام، فكل ما كان يشغل باله هو من تكون صاحبة هذا الصوت الملائكي؟
وأدار بوجهه نحوها وقال: عفواً يا حجة!! ...
وعلى الفور أدارت وجهها نحوه وقالت له: أنا مش حجة.
قال: عفواً ... بقصد شيخه.
قالت: ومش شيخة كمان.
قال: إذاً متدينة لدرجة كبيرة؟
قالت: لا ... أنا مش متدينة.
قال: عفواً ... هل أنت مسلمة؟
قالت: يمكن ... شو هذا بهمك؟!!
فقال مستفزاً: طيب ليش لابسه هالخمار؟
فقالت: أنا لابسته لأني لابسته!!
فقال: طيب ... مين أنتي؟
فردت عليه: أنا قدرك يا فارس.
ذهل فارس، فكيف علمت باسمه؟ وبدأ يفكر بأشياء كثيرة وقال وهو يضحك: قدري أنا؟ قولي لي يا قدري مين سلّطك عليّ وحكالك عن اسمي؟
فقالت: آه ... أنا قدرك أنت ... وكيف عرفت أسمك فهذا شغلي أنا ...كنك ما بتآمن بالقدر؟
فقال: أنا ما بآمن بأشي!!
فقالت: إذا هيك ... تعلم من اليوم انك تآمن بأشياء كثيرة.
فقال: لا بأس سأؤمن ... قولي لي شو أسمك أم سأناديك "آنسة" قدرك أم "مدام" قدرك؟
فقالت: قدرك أنت.
قال: طيب يا قدري أنا ... اكشفي عن وجهك علشان أشوفك؟
فقالت:علشان أيش بدك تشوفني؟
فقال: مش قلتي انك قدري؟ ... بدي أشوف قدري إن كان حلو ولا يا ساتر؟
فقالت: ما تخاف ... قدرك حلو كثير ومش يا ساتر ... ومش راح تشوفني هلاء ... راح تشوفني في الوقت المناسب.
وقال فارس وهو مستفز والفضول يقتله: بدي أشوفك هلاء ما دمت بتقولي إنك قدري؟
فقالت: وقف السيارة ... إذا بدك تتأكد إني حلوة تفضل اكشف عن وجهي وارفع الخمار وراح تشوف ... بس أحسن إلك ما تعملها هلاء.
صمت فارس حائرا مذهولاً متردداً بين أن يمد يده ليرى ماذا يخفي هذا الخمار، أيفعل ذلك أم لا؟ ولكن يده لم تتحرك، أما صاحبة الصوت الجميل ذات الخمار الأسود فقامت بفتح باب السيارة وخرجت تسير في شوارع كفر كنا، لا أحد يرى منها شيئا، وعاد فارس إلى الناصرة مسرعاً لعله يلحق بالأشخاص الذين ينتظرونه ليجدهم قد غادروا المكان.
ابتسم وقال لنفسه: يا لقدري السيئ، لقد خسرت الصفقة، خسرتها لإشباع فضولي بالكشف عن سر هذه الكتلة السوداء وما تخفيه خلف هذا الخمار.
واصل فارس السير في الطرقات يفكر بسر هذه المرأة وما تخفيه، ونظر إلى حيث كانت تجلس فرأى على الكرسي جمجمة بحجم كف اليد وقد زرعت مكان تجويف العينين كرات مطاطية ذات لون احمر كان يشع منها ضوءاً باهراً ربما بسبب انعكاس الضوء عليهما، أمسك فارس بالجمجمة وقد سرت قشعريرة في جسمه من منظرها وحينما نظر إلى الجمجمة كان منظر الفكين أقرب إلى الابتسامة.
ضحك فارس وقال لنفسه: يا لقدري ... جمجمة وتبتسم؟ ... احتار من حاجة هذه المرأة إلى هذه الجمجمة ولماذا تركتها معه أم أنها نسيتها دون قصد؟ لا بد أن هذا الخمار يخفي قبحاً لا مثيل له وهذا واضح بدليل أنها تحمل جمجمة.
مر يوم وفارس ما يزال يفكر بأمر هذه المرأة، شعورٌ غريب يشده إليها لا يدري سببه، أهو الفضول أم شيء آخر لا يعرفه؟!.